رسالة الى دولة رئيس مجلس الوزراء الاستاذ تمام سلام المحترم
المرسل:الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات
دولة الرئيس،
نوجه الى دولتكم هذا الكتاب، ولهيب المواجهة بين جيشنا اللبناني وبين المسلحين الغرباء الذين اختطفوا بلدة عرسال واهلها، يحرقنا ويحرق لبنان كله بناره. ونحن نشارككم ونشارك كل اللبنانيين الإقتناع والموقف بأن لا أولوية تتقدم على محاصرة هذا الخطر الداهم، ووأده قبل ان يستفحل ويتمدد الى كل لبنان. ويقيننا في ذلك، ان لا بديل عن الدولة ومؤسساتها الدستورية، وعن اجهزتها العسكرية والامنية والمدنية، فهي حصننا، وهي سلاحنا، وهي سياج الوطن الذي لا غنى عنه في مواجهة إزالة الحدود بين الدول والكيانات، واستباحتها من قبل الكيانات المسلحة.
امام المخاطر الامنية والاجتماعية والاقتصادية التي تعاني منها البلاد، اخترنا الدولة ومؤسساتها. وعهدنا بكم ان هذا هو خياركم أولا ، وقبل اي مواطن، بحكم المسؤولية الوطنية التي تتحملونها في رئاسة السلطة التنفيذية، لاسيما في ظل خلو موقع رئاسة الجمهورية.
دولة الرئيس،
ان اللحظة الحرجة التي يعيشها لبنان وشعبه، تتطلب مستوى اعلى من الكفاءة والمسؤولية في ادارة الشأن العام. والنار المشتعلة في عرسال يجب ان تحفزنا اكثر على اتخاذ المواقف والاجراءات العملية المطلوبة لحماية الوطن والشعب بسرعة وفعالية اكبر. والإجماع الوطني الذي عبرت عنه كل الاطراف السياسية في تأييد الجيش، يبقى منقوصا ما لم يكن في الوقت نفسه تأييدا لقيام الدولة ومؤسساتها كافة. وإن اي موقف، نظري او عملي، يدعي تأييد الجيش والمؤسسات العسكرية والامنية دون تأييد قيام مؤسسات الدولة الدستورية، يعني ابقاء الجيش والمؤسسة العسكرية والامنية دون غطاء سياسي، لا بل يعني بقاء الدولة والجيش دون قيادة سياسية مسؤولة دستوريا وعمليا عن مواجهة خطر مصيري على لبنان. وهو خطر لا تقتصر مواجتهه على العمليات العسكرية والامنية، بل يتطلب مواجهة شاملة، نقطة البداية والنهاية فيها هو اعادة بناء الدولة ومؤسساتها كي لا يكون فراغ تملؤه هذه المجموعات المسلحة الخارجة عليها من عصر الظلام واللادولة.
دولة الرئيس،
دولتنا لا رئيس لها، ومجلسها النيابي مدّد لنفسه. وتحصين لبنان حاجة ملحة ويكون بوقف انهيار مؤسساته الواحدة تلو الاخرى، لذا
وتماشيا مع ايماننا المطلق بضرورة ان تقوم مؤسسات الدولة بدورها بشكل كامل وان تنتظم الحياة السياسية في البلاد يهمنا تذكيركم بأن مهلة التمديد التي اعطاها مجلس النواب لنفسه من دون الرجوع الى ارادة الشعب في ايار الماضي شارفت على الانتهاء.
دولة الرئيس،
لقد ورد في نص البيان الوزاري الفقرة التالية:
ان حكومتنا تشدد على وحدة الدولة وسلطتها ومرجعيتها الحصرية في كل القضايا المتصلة بالسياسة العامة للبلاد، بما يضمن الحفاظ على لبنان وحمايته وصون سيادته الوطنية كما تشدد الحكومة على التزامها مبادئ الدستور وأحكامه وقواعد النظام الديموقراطي والميثاق الوطني وتطبيق الطائف
….. فإن الحكومة تتعهد السعي إلى إقرار قانون جديد للانتخابات النيابية، كما انها ستعمل على إنجاز مشروع قانون اللامركزية الإدارية وإحالته إلى المجلس النيابي لإقراره".
وعليه ومنعا لتكرار الخطأ الذي حصل في السابق وتمسكا بما تبقى من هيبة الدولة ونظامها الديمقراطي نطالب مجلس الوزراء في جلسته القادمة مناقشة واقرار النقاط التالية :
اولا: إتخاذ موقف عملي وضاغط في مجلس الوزراء، من اجل انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية فورا، وممارسة اشكال الضغط السياسي والمعنوي الممكن على كل الاطراف التي تعرقل انتخاب رئيس، بما في ذلك وضع خطة عمل مع المجلس النيابي والاطراف السياسية في هذا الاتجاه. ان قرار الحكومة الاجماعي بدعم الجيش في معركته ضد الارهاب الذي اتخذ في الجلسة الاخيرة، يجب ان يترجم الى اجماع مشابه وبالقوة نفسها من اجل انتخاب رئيس للجمهورية، ودون ذلك فإن دعم الجيش في المواجهة العسكرية يبقى منقوصا، لا بل شكليا، حيث انه يستحيل الانتصار في المعركة ضد الارهاب والتطرف من دون مؤسسات الدولة كافة، وعلى رأسها رئيس الجمهورية.
ثانيا: في ما يختص بالانتخابات النيابية:
- تعيين اعضاء هيئة الاشراف على الانتخابات قبل 8 آب كي تتمكن هذه الهيئة من البدء بممارسة عملها في 18 آب المهلة الاخيرة لدعوة الهيئات الناخبة.
- اصدار مرسوم دعوة الهيئات الناخبة ونشره في الجريدة الرسمية قبل 18 آب اي قبل 90 يوما من الموعد الذي تنتهي فيه مهلة التمديد.
ان الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات تتطلع الى مواقفكم الجريئة وتنتظر من دولتكم ومن حكومتكم موقفا حاسما في تحمل مسؤولية الدفع لاجراء انتخابات رئيس للجمهورية فورا، ونتوقع من معالي وزير الداخلية، لما يمثله من مرجعية اساسية في التحضيرات للانتخابات النيابية القادمة ومن مجلس الوزراء عموما، تحمل المسؤولية التاريخية امام المواطنين واجراء الانتخابات في موعدها، ذلك احتراما للدستور والقانون وصونا للديمقراطية وللسلم الاهلي.
ان مسار مواجهة الارهاب وتفتيت الدولة والمجتمع، ووقف مسار النزاعات الاهلية المودية الى تجديد الحرب الاهلية، انما يبدأ باحترام الدستور والقوانين، وبالمباشرة الفورية في اعادة تشكيل مؤسسات السلطة.
لا خيار امام لبنان سوى سيادة الحق والقانون، بديلا عن قانون القوة وعن الفوضى الزاحفة علينا من اضمحلال فكرة الدولة، ومن التعطيل المتعمد والمزمن لمؤسسات الحكم.
بيروت في 6 آب 2014
شارك عبر