الى الوراء سرّ
في خضمّ الازمات السياسية والامنية والاقتصادية التي تعصف بالوطن و يعاني منها الشعب اللبناني، لاحت في الافق بعض بوادر الامل....
أمل بتحقيق إنجازات قد تبدو صغيرة، متعلقة بحقوق المواطنين الأساسية، وامل بمراكمتها، علّنا نصل يوما ما الى دولة القانون.
في العام 2008 أدخل المشترع اللبناني فصلا كاملا في قانون الإنتخابات النيابية 25/2008 متعلقا بإقتراع اللبنانيين غير المقيمين على الأراضي اللبنانيّة وقال إنّ تطبيق هذا الفصل سيتمّ في الإنتخابات النيابية القادمة أي، وبعد التمديد غير الدستوري، تلك التي يجب ان تحصل قبل 20 تشرين الثاني من العام الحالي.
هلّلنا كما معظم اللبنانيين لهذا الإنجاز وقتها، فرغم علّات هذا الفصل والحاجة الى تطويره في قانون الانتخابات الجديد، إلا أنه كان يشكل بادرة أمل في إحترام حق المواطنين في الإقتراع في أماكن اقامتهم خارج لبنان.
فعلى أساس هذا القانون، بادر 10012 لبنانيا بتسجيل أنفسهم حسب المواعيد القانونية (أي قبل 31 كانون الاوّل 2012 ) بهدف المشاركة إقتراعاً في الإنتخابات التشريعية الأولى التي تلي انتخابات 2009 والتي كان من الواجب دستوريا اجراءها قبل 20 حزيران 2013.
نعم 10012 لبنانيا ولبنانيّة تسجّلوا بمجهود إستثنائي وشبه شخصي، حيث تكبّدوا صعوبات لوجيستية ومادية (السفر والإنتقال لمسافات طويلة، تعبئة المستندات المطلوبة والتي أصلا شابتها أخطاء تقنية ...) ومن دون تشجيع من احد، لا وزارة الخارجية والمغتربين حينها، ولا أي من الأحزاب السياسية مجتمعة الا في بعض الحالات الاستثنائية، برغم مزايداتهم وإدعاءاتهم الإعلامية.
نعم 10012 لبنانيا ولبنانيّة صدّقوا ووثقوا بدولة حلموا بها وطنا قد يعودون اليه يوما.
لم تقف الأمورهنا، فمنذ ذلك الوقت بدأت وزارتي الداخلية والخارجية بوضع شتى انواع العراقيل، متذرعتين حينا بالقانون وأحيانا بأسباب لوجستية، وذلك كله للحؤول دون ممارسة ال 10012 لبنانيا حقّهم في الاقتراع. وقد توّجت العرقلة باصدار قوائم أولية للناخبين من قبل وزارة الداخلية في 10 شباط 2014 لا تتضمّن الاشارة الى تسجيل المغتربين الذين تسجّلوا حتى كانون الاول 2012. فبحسب إجتهاد وزارة الداخلية حينها كان على هؤلاء اللبنانيين الذين سبق وتسجلوا في العام 2012 ان يتسجّلوا مرّة جديدة خلال العام 2013. السلطة تأكل "حصرم" التمديد واللبنانيون في الداخل والخارج يضرسون.
أما الذريعة القانونية لوزارة الداخلية فكانت بالإستناد إلى المادّة 106 من قانون الانتخابات رقم 25/2008 التي تنصّ على ما يلي:
"فور صدور هذا القانون، (اي منذ العام 2008) تدعو وزارة الخارجية والمغتربين بواسطة السفارات والقنصليات اللبنانية في الخارج، بالطرق التي تراها مناسبة، اللبنانيين الذين تتوفر فيهم الشروط المذكورة أعلاه، للإعلان عن رغبتهم بالإقتراع في الخارج وذلك بتسجيل أسمائهم، وذلك بحضورهم الشخصي أو بموجب كتاب موقّع ومثبت وفقاً للأصول، في السفارة أو القنصلية التي يختارونها مع كافة المعلومات المطلوبة المتعلقة بهويتهم ورقم سجلهم.
يجب أن لا تتجاوز المهلة المعطاة للتسجيل 31 كانون الاول من السنة التي تسبق موعد الانتخابات النيابية، يسقط بعدها حق الاقتراع في الخارج في الانتخابات النيابية التالية".
وإستناداً لنص المادة 106 نفسها نسأل :
أين هو اللبس في النصّ المذكور؟ هل طلب القانون من اللبنانيين ان يتكبّدوا عناء التسجيل كلّ سنة؟ لماذا إدعاء الإبهام في القانون لحرمان الناس من ممارسة حقّهم في الإنتخاب وإختيار ممثليهم إلى البرلمان ؟
وبعد، إنّ هذا الخطأ ارتكبته دائرة الاحوال الشخصية في عهد وزير الداخلية والبلديات السابق بعد أن رفضت هذه الأخيرة مراراً طلب جمعيّتنا بمراقبة عملها في تحضير قوائم الناخبين، من دون تحديد أسباب مقنعة لهذا الرفض.
وقد أعدنا المحاولة وخاطبنا الوزارة مجدداً رغبة منا بإحاطة معالي وزير الداخلية الحالي بهذه الإشكالية التي ستؤدي الى إلغاء حق أكثر من 10 ألاف لبناني في الإقتراع.
ماذا اذاً.....؟
قمنا في الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الإنتخابات باستشارة ابرز الحقوقيين المختصين بالشأن الانتخابي وقد اجمعوا على وضوح القانون الحالي في ان المغترب اللبناني يتسجل مرة واحدة فقط لكل عملية انتخابية وليس عليه التسجل سنويا، كما قمنا بتوجيه كتاب رسمي مجددا الى وزارة الداخلية نطرح فيه رأينا ونطالب معالي الوزير الحالي بتصحيح هذا الخطأ قبل فوات الآوان، وهذا ممكن بحسب الصلاحيات التي يتمتّع بها الوزير والمنصوص عليها في القانون، وأن يتحمّل كافة مسؤوليّاته في هذا الخصوص وأن يتّخذ التدبير الإداري اللازم لتصحيح القوائم قبل 30 أذار الحالي عبر إدراج أسماء هؤلاء اللبنانيين بصفتهم ناخبين مسجلين في الخارج.
وعليه، وبناءا على جواب الوزارة المرتقب اوائل الاسبوع المقبل، سنعقد مؤتمرا صحفياً الخميس المقبل في نفس المكان والزمان لنطلع الرأي العام على توجّه الوزارة في هذا الخصوص وعلى طبيعة تحرّكاتنا، فهذا الحقّ هو حق مكتسب لا يمكن التراجع أو السكوت عنه.
كما ندعو اللبنانيين واللبنانيات خارج لبنان وداخله للمطالبة معنا بعدم الإستهتار بهذا الحق وذلك عبر كتابة الشعار الذي يريدونه على ورقة وتصوير انفسهم امام المعلم الذي يختارونه وفي أي دولة يقيمون فيها ووضعها على صفحتنا على الفايسبوك مع #صوتك عالبال.
فلا يجوز ان تحول الاجراءات الادارية دون ممارسة اللبنانيين لاهمّ حقّ من حقوقهم السياسيّة، الا وهو حقّ الاقتراع.
فالى الملتقى الخميس المقبل علّنا نحمل اليكم حينها اخبارا طيّبة.
شارك عبر